لضيقِ الحياة التي أورثتها لنا الآلهة, أُحاول مراراً قراءة ثلاثاُ أو أربعة كُتُبٍ في فترة واحدة..
الكتاب الأول مرافقٌ في القطار و الباصات و هو في أغلب الأحيان رواية, الثاني مُرافِقٌ دائم لزيارات خارج المدينة و هو في أغلب الأحيان كتبٌ متعلِّقةٌ بالشعر, الثالث لأوقاتِ الفراغ في المنزل (بعد الطبخ و الجلي و التنظيف و ال و ال وال ..)و الرابع صاحب سرير قبل النوم ... و النتيجة في نهاية الشهر, خلل معلوماتي بنظم الدماغ .. الكتاب الثالث أبحاث غالباً و الرابع تاريخي أو سياسي ... بس المشكلة إنو الخربطة بتصير بالدماغ لما الواحد بيخلط باللغات, و لما الواحد بيريد يقرأ شي بلغة مفهومة تكون أكتر من اللغة المتوافرة في المكتبات الاوروبية, و للأسف ما منقدر نتصل بأصدقاءنا بشكل دائم في سوريا و نقلهوم إبعتولي و إبعتولي,و طبعاً وزارة الثقافة السورية و البريد السوري كتير حباب, منشان هيك لازم يعرف من وين و لوين و منشان شو و شقد حق الكتب و منوين إشتروها ووووو
الكتاب, هو دائماً متوافر, بس للأسف مو بجانبنا, و حُلم قراءة كتاب معين بلغة مفهومة أكتر من الأمور يللي منحلم فيها في بعض الأحيان هون في أوروبا (على الرغم من ضخامة مكتباتهم - بس مهون مجبورين يجيبولنا كل الكتب العربية و الكردية لهون ) ... و على سيرة الكتب العربية و الكردية, و بإعتباري (مشروع كاتب); الكردي دائماً واقع في مشكلة اللغة, و المعنيين بهذا الشي طبعاً أصحاب الظمئ للغة الأم .. بس بحكم البنيوية يللي كبر عليها أكثر ( أو خلينا نقول) معظم أكرادنا في كنف لغات اخرى, فمن الأكيد إنو بيقدروا يقرأوا بالعربي أفضل من الكردي أو الإنكليزي بقوة و إستطاعة مضاعفة ... لكن عندما يقررون الإهتمام بشكل أكبر بلغتهم الأم, بتبلش حروب اللغة في معقل إرادتهم .. و غالباً ما بيكون هنيك ضحايا زمن غير مقروء .. و ضياع وقت ثمين من حياتهم و الأغلب بدون نتيجة.
حصل إنو عدة مرت وقعنا في هكذا أحاديث مع العديد من أصدقائي الكتَّاب أو الشعراء أو المهتين بأمور اللغة, منهم من ترك العربية من زمن طويل و بلش بعد عدة سنين بإنتاج كردي ... غيرهم لم يبال, و مازال إنتاجهوم باللغة العربية .. و منهم من حصّل الإثنين في صندوقٍ واحد .. طبعاً مع الإحتفاظ بالأسماء ... و منهم من مازال يحارب بمديته الوهمية ما بين الشبح العربي أو الكردي في عالمه الروائي الدرامي الغير منتهي ... و منأمل بنتيجة.
أما الكتَّاب .. و خاصة الشعراء منهم ... فما أحلاهم .. مجنونين عصورهم, الباحثين أبداً عن كل شيء غير ملموس .. ليلتمس ... و متل ما بيقول صديقي الشاعر الدنماركي نيلس هاو ( الشعراء دائماً مصابون بمرض التفرُّد) و ما أحلى تفرُّدهم .. بيعيشوا في خلاء منفي في خلاءهم .. و ما احلى منفاهم الميتافيزيقي ... عالمهم وجودُهم, وجودُهم هو عبورٌ لضفة القيظ, و قيظُهُم هو قصيدةٌ منتهية .. و ما أحلى القصيدة المنتهية ... خاصة عندما تعتلي أحرفها تواريخهم و تاريخ أممهم و شعوبها و أراضيها و كتبها و أقلامها و أطفالها و عشيقاها وو بناديقها و أوراقها .... و هو أو هي دائماً مشتعلٌ بنارِ منفى, على الرغم من وجوهم أحياناً في بيوتهم بين أطفالهم و أبائهم و حبيباتهم و أحبائهم ...
القارئ .. فقيرٌ بنا دائماً ... منهم من يقول واو .. و منهم من يجعلُ من صفحاتِ كتبنا المتوارثة لفافةً لصندوشات أطفالهم صباحا ..
و هم لا يبخلون بذم أبدا .. من لغةٍ و فكرةٍ و إسمٍ و قريبٍ و غريبٍ و دينٍ غيرِ موفى من صاحبه الكاتب و صورةٍ غير مفهومة على غلاف كتابٍ ... حيثُ دائماً الكاتب هو الملام.
يتبع .......
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment